Friday, May 2, 2014

رأيي للمتحاورين

لن يسمح رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز، بوضع كرسيه الرئاسي على المحك في هذا الوقت الذي أخرجت له الأرض زخرفها من الحديد والذهب وازينت برئاسة المنتديات العالمية. فلا أحد من سابقيه في ظروف أحلك فعل ذلك إلا مضطراً أو مجبراً بقوة السلاح، ولا أعني السلاح الأبيض المتمثل في الغضب الشعبي، أحرى أن يفعله احتراماً للقانون و صناديق الاقتراع؛ إن الرئاسة "باطْعيْمتها" كما قال "أب الأمة وابنها البار". وبما أن السياسة هي فن الممكن كما يقول العارفون بها، فإني أنصح سياسيينا أن يكونوا عمليين و أن يصبوا جهودهم على العمل من أجل تعزيز المكاسب و إن قلت، بدل تقويضها عن طريق المطالب التي لا تتسم بالجدية نظرا لتفاوت موازين القوة على الأرض.

ومن هذا المنطلق فإنني أرى أن على المنتدى الوطني من أجل الديمقراطية و الوحدة أن يغير من استراتجيته ويضع على طاولة المفاوضات إمكانية دعمه لترشح الرئيس عزيز لولاية ثانية مقابل مشاركته في الحكومة. هذا يبدو لي أكثر اتساقا مع الواقع، لأنني لا أرى ما ذا ستجني المعارضة من مقاطعة سبق وأن جربت عدم فعاليتها، أو من مشاركة في انتخابات ولو كانت شفافة، علما بأنها ستخسر لامحالة وستعود للحديث عن نفس الأسطوانة، من التزوير وعدم الشفافية، و تعيدنا إلى مربع البداية. يجب كسر هذه الحلقة المفرغة، و هذا المقترح يبدو لي من أنجع السبل لذلك.

إن مطالب المنتدى مشروعة إلى حد كبير ولكن لا يمكن تحقيقها في الأجل المنظور، ناهيك عن عدة أشهر تفصلنا عن الإنتخابات الرئاسية. فمثلا حياد الإدارة قضية مستعصية، لا سيما على إدارة ترعرعت وشابت على الإنصياع التام لولي الأمر. فأغلب الموظفين حصلوا على وظائفهم عن طريق التسيس و التزلف لأصحاب النفوذ، ولا يرون إلا مايرى المتنفذون؛ فطلب الحياد من هذا النوع من الموظفين شبه مستحيل. و الحل هو تصفيتهم من الجهاز الإداري و تكوين البقية على سلوكيات جديدة،  و هذا عمل شائك و معقد لا يمكن أن تقوم به إلا حكومة قوية كاملة الصلاحيات تتمع بمصداقية عالية ودعم شعبي واسع، و ينطبق هذا الوصف  أيضا على الجهازالقضائي باعتباره الملاذ الأخير للتحكم في العملية الانتخابية، وكذا اللجنة المستقلة للإنتخابات التي يُسند لها تنظيم هذه العملية الدستورية.

يجب أن يكون تكوين هذه الحكومة (كاملة الصلاحية و ذات الدعم الشعبي الواسع) هو المقصد، لإعطاء معنى حقيقي للحوار الجاري و تقديم فرصة واقعية لتهدئة المشهد السياسي  و الخروج من هذه الدوامة التي تشغل بلدنا عن التحرك بشكل فعال في إطار القضايا المركزية، كالتعليم والصحة و الاقتصاد والحكم الرشيد. على المفاوضات أن تدورحول برنامج حكومي يتسع للمعارضة الديموقراطية، للسماح للأحزاب الممثلة في البرلمان الماضي بالدخول في شراكة مرحلية مع النظام تقضي بدخولهم للحكومة، وتمكين التجمع من أجل الإصلاح والتنمية تواصل (تواصل) من الإمساك بزمام مؤسسة المعارضة، و منح الجمعية الوطنية الحالية فرصة إكمال مأموريتها.

إن إعطاء الرئيس الموريتاني سلطة حل مجلس تشريعي لا معنى له في رأيي ولكن يبدو أن فرنسا هي النموذج الوحيد لفقهاء الدستور في بلادنا، و أننا نتناسى أن فرنسا ولو كانت المهد و المنظر الأول لفصل السلطات، إلا أنها لاتمارس هذا الفصل في الواقع مقارنة بالديموقراطيات الأصيلة كإنكلترا وأمريكا. 

إن اتفاقا من هذا النوع سيكفينا شر انتخابات رئاسية محسومة النتائج، كما سيوفر لطبقتنا السياسية الوقت الكافي للتحضير في مناخ سلمي للانتخابات المقبلة، و سيفسح المجال واسعاً  لتنمية الإقتصاد وترسيخ الحكم الرشيد في بلادنا إذا حصلت الإرادة.
والله ولي التوفيق.

محمد ولد أحمد ولد الطلبة
واشنطن دي سي